تواصل إسرائيل مخططاتها

الآثمة الخطيرة ضد المقدسات الاسلامية وضد المسجد
الاقصى على وجه التحديد، وذلك في مؤامرة خبيثة تستهدف اقتلاع مدينة القدس
عموما من عروبتها وإسلاميتها، ورغبة في تحقيق الطموحات اليهودية الشريرة
بتهويدها وطمس معالمها الاسلامية، ولفرض واقع ميداني على الأرض بجعل القدس
عاصمة أبدية لاسرائيل، وتهيئة الرأي العام الاسلامي لقبول الأمر الواقع
بتقسيم المسجد الاقصى بين المسلمين واليهود، وانتهاء الى ما هو أبعد من
ذلك لإعادة بناء الهيكل الثالث على أنقاضه مستقبلا، ولهذا تقوم اسرائيل
بأعمال البحث والتنقيب المستمر وإحداث الحفريات بجوار المسجد الاقصى أملا
في تحقيق تلك الطموحات، ومع الاسف الشديد كل ذلك يحدث أمام سمع وبصر
العالم بأسره والعالم الاسلامي يرى تلك الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد
الاقصى على يد جنود الاحتلال والجماعات الدينية من حماة الهيكل المتطرفين
دون تحرك فاعل يوازي القيمة المعنوية الاسلامية التي يمثلها المسجد الاقصى
في ذاكرة الأمة الاسلامية وقيمته المقدسة التي لا يمكن المساس بها .
ويعتبر المسجد الاقصى من أهم المعالم الاسلامية المقدسة في العالم
الاسلامي، وقد ارتبط بحادثة الاسراء والمعراج الشهيرة وذكر في القرآن
الكريم وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وذكره رسولنا الكريم في
الاحاديث النبوية وحث على زيارته، وهناك أعطى الخليفة عمر بن الخطاب
الوثيقة العمرية لسكان القدس وذلك في الفتح الاسلامي الاول على ألا يسكنها
اليهود ادراكا من الخليفة الفاروق لمدى فسادهم في الارض على مدى التاريخ
واستشرافا لمستقبل القدس وما يعانيه الآن تحت يد الاحتلال .
ويوم الاحد الماضي 25/10/2009م تعرض الاقصى لإحدى حلقات تلك المخططات
الشيطانية من قبل الصهاينة، عندما داهم متطرفو الجماعات اليهودية وبمشاركة
معلنة من قبل قوات الاحتلال للمسجد الاقصى، وتم اقتحام الجزء الجنوبي من
المسجد الشريف، وذلك من أجل السيطرة على تلك الاجزاء كمقدمة مبدئية
للسيطرة على المسجد الاقصى لاحقا ومنح اليهود الحق في أداء شعائرهم
التلمودية ولخلق مزاعم بأحقيتهم في المسجد الشريف كما هو للمسلمين،
وبالتالي سيقود ذلك الى سلسلة متتابعة في اطار تهويد المدينة المقدسة من
أجل تحقيق ادعاءات العاصمة الابدية لاسرائيل، ومسخها بشكل كامل من طابعها
العربي الاسلامي كما ترسم له مخططاتهم المزعومة، وللعلم ان الاقتحامات
الاسرائيلية ليست الاولى منذ احتلال القدس، ولكنها هذه المرة تسعى لتهيئة
الرأي العام في العالم الاسلامي للقبول بالمشاركة اليهودية في المسجد
الاقصى للدخول إليه لاقامة شعائرهم اليهودية في الايام اليهودية المقدسة
كيوم الغفران، ويوم الصعود الى جبل الهيكل كما حدث يوم الاحد الماضي، وقد
تحجج اليهود بوجود اتفاقات سابقة تقضي بتبادل الزيارات في مسألة خداع
وتعتيم على مقاصدهم السيئة.
والمؤسف في الامر ان تلك الانتهاكات التي تحدث للمسجد الاقصى على مرأى
ومسمع العالم العربي والاسلامي دونما حراك حقيقي يوازي مكانة القدس
والمسجد الاقصى الشريف، وكأن شيئا لم يكن إلا من رحم ربي، مع العلم ان
هناك عددا من المقدسيين يتصدون بصدورهم العارية وبشكل أعزل لمخططات
اسرائيل حيث يواصلون الاعتكاف منذ أسبوعين تقريبا في المسجد الاقصى بعد
استشعار خطورة الموقف وجدية التهديدات الاسرائيلية الخطيرة التي يتعرض لها
الاقصى لا سيما مع وجود أهداف خطيرة أكبر من مسألة العبادة وأداء الشعائر
فيه، فمما يسعون إليه في نهاية الأمر هو إقامة الهيكل الثالث على أنقاض
المسجد الاقصى الشريف، وللأسف الشديد لم يتحرك أحد في العالم الاسلامي
لمناصرة أولئك المعتكفين المعتصمين في المسجد الذين يقدمون ارواحهم فداء
للاقصى يحاولون تنبيه العالم الى قضيتهم ويحاولون استدعاء ثقافة المقاومة
التي تلهب القوى الشعبية في العالم الاسلامي التي عادة ما ترتقي بنفسها في
مثل هذه المواقف مناصرة للمسجد الاقصى وللمقدسات، ولكن لا حياة لمن تنادي
حيث يعيش أبناء الامة الاسلامية في حمى المواجهات الطائفية والمذهبية بين
أبنائه تماشيا مع ما يسوق له الاعداء لتحقيق مخططاتهم الشيطانية في
المنطقة، وقد تحقق لهم ذلك بعد أن اصبحت المواجهات الدموية سائدة في كثير
من أقطار العالم الاسلامي، فالتفجيرات الدموية أصبحت السمة السائدة في تلك
الاقطار والحروب الخاسرة أضحت واقع الحال تذكيها تلك الاختلافات الدينية
والمذهبية وهنا تحقق للاعداء ما يسعون إليه دون خسارة عقال بعير .
إن الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الاقصى تستدعي ضرورة الاسراع من قبل
منظمة المؤتمر الاسلامي بعقد قمة طارئة، من أجل ضخ شيء من الحراك السياسي
المطلوب لهذه القضية الحساسة، ولإعطاء اشارة للعالم بأن القدس والاقصى
تعني للعالم الاسلامي خطا مقدسا لا يمكن المساس به وأن أي محاولة للنيل
منهما ستؤدي الى تأجيج المشاعر في العالم الاسلامي من أقصى اندونيسيا شرقا
الى حدود الاطلسي غربا وقد تؤدي الى الانفجار.